قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم:
"مَنْ سَنَّ في الإِسْلام سُنةً حَسنةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وأَجْرُ منْ عَملَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ
غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورهِمْ شَيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإِسْلامِ سُنَّةً سيَّئةً كَانَ عَليه وِزْرها وَوِزرُ مَنْ عَمِلَ
بِهَا مِنْ بعْده مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزارهمْ شَيْءٌ"رواه مسلم.
الشرح :
المراد بالسنة هنا هو من ابتدأ العمل بسنة , وليس أحدث , لان من احدث في الإسلام ما ليس
منه فهو رد وليس بحسن .
لكن المراد بمن سنها أي صار أول من عمل بها وبادر إليها أو أحياها بعد أن أميتت .
والسنة في الإسلام ثلاثة أقسام :
1- سنة سيئة : وهى البدعة , فهي سيئة أن استحسنها من سنها لقول النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم" كل بدعة ضلالة "
2- سنة حسنة وهى على نوعين :
أ- أن تكون مشروعة ثم يترك العمل بها ثم يجددها من يجددها .
مثال : قيام رمضان بإمام فان النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم شرع لامته
في أول الأمر الصلاة بإمام في قيام رمضان, ثم تخلف خشية أن تفرض على الأمة , ثم ترك في أخر
حياة النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم, وفى عهد أبى بكر الصديق رضي الله عنه وفى أخر خلافة عمر ,
ثم رأى عمر رضي الله عنه أن يجمع الناس على إمام واحد ففعل فهو رضي الله عنه قد سن في
الإسلام سنة حسنة , لأنه أحيا سنة كانت قد تركت .
ب- من السنن الحسنة أن يكون الإنسان أول من يبادر إليها مثل الرجل الذي بادر بالصدقة حتى
تتابع الناس ووافقوه على ما فعل كما في الحديث عَنْ أَبَي عَمروٍجَرير بنِ عبدِ اللَّه، رضي اللَّه عنه،
قال: كُنَّا في صَدْر النَّهارِ عِنْد رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَجاءهُ قوْمٌ عُرَاةٌ مُجْتابي النِّمار أَو
الْعَباءِ. مُتَقلِّدي السُّيوفِ عامَّتُهمْ من مضر، بل كلهم مِنْ مُضرَ، فتعمر وجهُ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم، لِما رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقة، فدخلَ ثُمَّ خرج، فَأَمر بلالاً فَأَذَّن وأَقَامَ، فَصلَّى ثُمَّ خَطبَ، فَقالَ: {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}إِلَى آخِرِ الآية:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}،وَالآيةُ
الأُخْرَى الَّتِي في آخر الْحشْرِ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}تَصدٍََّق رَجُلٌ
مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاع بُرِّه مِنْ صَاعِ تَمرِه حَتَّى قَالَ: وَلوْ بِشقِّ تَمْرةٍ" فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ
الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كادتْ كَفُّهُ تَعجزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجزتْ، ثُمَّ تَتابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْميْنِ مِنْ طَعامٍ وَثيابٍ،
حتَّى رَأَيْتُ وجْهَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، يَتهلَّلُ كَأَنَّهُ مذْهَبَةٌ
ملحوظة : قد اخذ هذا الحديث أولئك القوم الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه , فيبتدعون
أذكار وصلوات ما انزل الله بها من سلطان ثم يقوون هذه سنة حسنة .نقول لا , كل بدعة ضلالة
وكلها سيئة وليس في البدع من حسن , لكن المراد في الحديث من سابق إليها وأسرع كما هو
ظاهر في الحديث أو من أحياها بعد أن أميتت فهذا له أجرها واجر من عمل بها .
الدروس المستفادة من الحديث :
1- الترغيب في فعل السنن التي أميتت وتركت وهجرت , فانه يكتب لمن أحياها أجرها واجر من عمل بها .
2- التحذير من السنن السيئة وأول من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم
القيامة حتى لو كانت في أول الأمر سهلة ثم توسعت .
مثال : احد من الناس رخص لأحد في شيء مباح الذي يكون ذريعة واضحة إلى المحرم أما لو كان
الشيء مباحا ولا يخشى منه أن يكون ذريعة إلى المحرم فلا بأس للإنسان أن يبينه للناس , كما لو
كان الناس يظنون أن هذا الشيء محرم وليس بحرم ثم بينه للناس من اجل أن يتبين الحق ولكن لا
يخشى عاقبته فهذا لا بأس به , أما شيء تخشى عاقبته , فانه يكون عليه وزره ووزر من عمل به .